تنافس وكالات الفضاء العربيّة اليوم نظيراتها الغربية لتحقيق أهدافها المتنوّعة. هكذا لم يعد الفضاء مجرّد فضول للاستكشاف بل أصبح ركيزة أساسيّة يقوم عليها اقتصاد الدّول. من خلال مسارعة الدّول لإنشاء وكالات الفضاء.
من ناحية أخرى تملك اليوم 72 دولة وكالة للفضاء. وحسب استطلاع تم إجراءه على عدّة أشخاص من مختلف البلدان لتحديد وكالات الفضاء التي يعرفونها تم اكتشاف أن ناسا هي وكالة الفضاء الوحيدة التي يعرفها النّاس وهذا بسبب إنجازاتها البارزة ومشاريعها الشّهيرة التي تحظى بتغطية إعلامية واسعة النّطاق بالإضافة إلى عملها على تثقيف جمهورها حول الفضاء.
ولهذا قرّرنا في هذا المقال تسليط الضوء على وكالات الفضاء العربيّة. فهل تعرف ما هي الدّول العربيّة التي تملك وكالات الفضاء؟ وما هي أهم التّحديّات التي تواجهها؟
جدول المحتويات
الوكالة الفضائية المصرية (EGSA)
التّحديّات التي تواجه وكالات الفضاء العربيّة
أهم وكالات الفضاء العربيّة
في السّنوات الأخيرة برزت في السّاحة وكالات عربيّة من خلال احداث عالمية نظّمتها وأخرى شاركت فيها بالإضافة إلى مشاريع أطلقتها لتُنافس بها الوكالات الفضائية العالميّة. نذكر أهمّها تابع معي
الهيئة السّعودية للفضاء (SSA)
شهدت المملكة العربيّة السعودية في الآونة الأخيرة تطوّرا سريعا في مختلف الميادين، ما جعلها تتبنّى لنفسها رؤية لسنة 2030 التي ترتكز على السّعي لتوفير الرّفاهية والازدهار للمواطنين.
هل نقول تطوّر وازدهار؟ لا يمكن هذا دون الحديث عن قطاع الفضاء الذي توليه اليوم الدّول اهتماما خاصّا وتخصّص له أيضا ميزانيات ضخمة. وهذا بالضبط ما فعلته المملكة.
في الحقيقة وبالرّجوع إلى الوراء فإنّ الهيئة بدأت نشاطاتها في الفضاء في وقت سابق بالتّحديد سنة 1985. وهذا عندما سافرَ الأمير سلطان بن سلمان بن عبد العزيز على متن مكّوك ديسكفري التّابع لوكالة الفضاء الأمريكية ناسا إلى الفضاء الخارجي، حاملًا معه القمر العربي الثّاني الذي كان مكلّفًا بإطلاقه.
وفيما بعد أصدر خادم الحرمين الشّريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز أمرًا ملكيًا بموجبه تَأسّست الهيئة السعودية للفضاء في ربيع الآخر 1440 (ديسمبر 2018). والآن يمكن أن نلخّص أهداف هذه الهيئة فيما يلي:
- وضع الخطط والسياسات والبرامج المتعلّقة بقطاع الفضاء.
- تطوير تقنيات إطلاق المركبات الفضائيّة، والخدمات المتّصلة بها.
- العمل على تعزيز الأمن الفضائي من خلال رصد الفضاء وتتبّعه، ورصد الحطام الفضائي، والإنذار المبكر، بالإضافة إلى أنشطة أخرى ذات الصّلة.
- تطوير وتنفيذ البنية التّحتية لقطاع الفضاء وتشغيلها، بالإضافة إلى المحطّات الأرضية، ومركبات النّقل إلى الفضاء، والرّحلات شبه المدارية.
- تنمية الطّواقم الوطنيّة في مجال علوم الفضاء ودعمها.
- التّعاون مع الجهات الحكومية والهيئات المماثلة في الدّول الأخرى، والمنظّمات الدولية فيما يتعلق باختصاصاتها، وفقاً للإجراءات النظامية.
كما نُلاحظ فإنّ الهيئة تكثّف جهودها لتقديم فرص واعدة تدعِّم وتٌلهم الأجيال بها من خلال المبادرات التي تطلقها سواء على الصّعيد الدّولي وحتى المسابقات الوطنية مثل مسابقة الفضاء مداك. وذلك بإقحام روّاد ورائدات الفضاء في التّجارب العلمية و الأبحاث الدّولية لكسب الخبرة ونيل المعرفة.
و يمكن أن نلخّص إنجازات الهيئة السعودية للفضاء لسنة 2023 في إرسال أوّل رائدة فضاء سعودية “ريانة برناوي” ورائد فضاء سعودي “علي القرني” إلى محطة الفضاء الدولية. ليلتحقا بطاقم مهمة AX-2 الفضائية بهدف بناء القدرات الوطنية في مجال الرحلات المأهولة لأجل البشريّة.
وكالة الإمارات للفضاء (UAESA)
تعرّف وكالة الفضاء الإماراتية نفسها بأنها هيئة اتحادية عامة تعمل على تنظيم وتطوير قطاع الفضاء في دولة الإمارات العربيّة المتّحدة، وذلك من خلال التّركيز على تنمية القدرات الوطنية في تكنولوجيا الفضاء. وأيضا تساهم الوكالة في وصول الدّولة إلى أهدافها نحو التنويع الاقتصادي وترسيخ الاقتصاد المبني على المعرفة.
تأسّست هذه الوكالة بموجب مرسوم بقانون اتحادي رقم 1 لسنة 2014 في شأن إنشاء وكالة الإمارات للفضاء، بحيث يشمل القطاع الفضائي جميع الأنشطة والمشاريع والبرامج ذات العلاقة بالفضاء الخارجي الذي يعلو الغلاف الجوّي للأرض. من ناحية أخرى تتمثّل أهداف وكالة الفضاء الإماراتية في
- المساهمة في دعم الاقتصاد الوطني بشكل مستدام من خلال تنظيم وتطوير القطاع الفضائي الوطني
- إعداد وتنمية الطّواقم الوطنية لدعم القطاع والمساهمة في تطويره
- دعم مفهوم البحث والتّطوير والابتكار في مجال تقنيات وعلوم واستكشاف الفضاء
- تعزيز وإبراز دور الدّولة على الخريطة الفضائية إقليمياً وعالمياً
- ضمان تقديم كافة الخدمات الإدارية وفق معايير الجودة والكفاءة والشفافية
- ترسيخ ثقافة الابتكار في بيئة العمل المؤسسي
تزامنا مع تسطيرها لهذه الأهداف التي تتطلّع لتحقيقها وبالتّأكيد مع عملها المتواصل فإنّ هذه الوكالة تشهد مجموعة من النّجاحات التي نفتخر بها. وذلك نتيجة تعاونها وانفتاحها على تجارب الوكالات الخارجية وهذه بعض إنجازاتها لسنة 2023
- مشروع الامارات لاستكشاف الكويكبات
- اطلاق المرحلة التّنفيذية من مشروع سرب
- استضافة أول جناح فضاء في معرض دبي للطيران
- أول جناح للفضاء في مؤتمر الأطراف COP 28
- قمّة قادة الفضاء الأوّل من نوعه بحضور رؤساء وكالات الفضاء من 23 دولة
- اطلاق اكاديمية الفضاء الوطنية مع توظيف 70% من المشاركين في الورش الفضائيّة
- تتويج فريق مسبار الأمل بجائزة لوريلز للإنجاز الجماعي 2023
- إطلاق مبادرة الفضاء “عالم من الفرص” لاستقطاب الشركات النّاشئة المحلية والعالمية
- إصدار قانون تنظيم قطاع الفضاء
وكالة الفضاء الجزائرية (ASA)
تعتبر من أقدم وكالات الفضاء العربيّة التي تأسّست في 16 يناير 2002. مقرّها الرئيسي في بوزريعة، أمّا مينائها الرّئيسي فهو المركز الوطني للتّقنيات الفضائيّة في ارزيو بولاية وهران.
للتّوضيح أكثر فإنّ تاريخ الأبحاث في الفضاء الفعلي يعود إلى فترة الاحتلال الفرنسي حيث أنشأت منصة لإطلاق الصّواريخ في منطقة حماقير في ولاية بشار سنة 1952. وبعدها أقامت منصة إقلاع للصّواريخ في رقّان أيضا سنة 1961.
باختصار أهداف وكالة الفضاء مسطّرة في برنامج الفضاء لسنة 2040. الذي يتمحور حول بناء قطاع فضاء قوي ومستدام يدعم المصالح الوطنيّة ومختلف القطاعات الحيوية لتنويع الاقتصاد وتطوير الأسواق.
من أهم إنجازات هذه الوكالة مثلا تصميم وإنجاز وإطلاق القمر الصناعي الجزائري “ألسات 1” بالتّعاون مع المركز الفضائي البريطاني “ساري” في نوفمبر 2002.
الوكالة الفضائية المصرية (EGSA)
تأسّست في سنة 2018 بموجب نص القانون (3). تتمتّع هذه الوكالة بالاستقلال الفني والمالي والإداري. إذ تهدف إلى استحداث ونقل علوم وتكنولوجيا الفضاء وتوطينها وتطويرها وامتلاك القدرات الذّاتية لبناء الأقمار الصناعية وإطلاقها من الأراضى المصريّة بما يخدم استراتيجية الدّولة فى مجالات التّنمية، وذلك لتحقيق الأمن القومي. من أهمّ أهدافها نذكر التّالي
- الوقوف على الإمكانيات العلميّة والتكنولوجيّة والبحثية والتصنيعية والبشرية فى مجال علوم وتكنولوجيا الفضاء على مستوى الدولة بغرض الاستفادة منها.
- وضع خارطة طريق مشروعات الفضاء ودعم تنفيذها، من خلال الأجهزة المعنية بالدّولة بالتّنسيق معها.
- دعم برامج تطوير استخدامات وتطبيقات علوم وتكنولوجيا الفضاء.
- تطوير العلاقات الدّولية الاستراتيجية فى مجال علوم وتكنولوجيا الفضاء، و أيضا تمثيل الدّولة على المستوى الإقليمي والدولي فيما يتعلق بكافّة أنشطة واختصاصات الوكالة.
- تمويل الاستثمارات فى المؤسّسات التى تعمل على تطوير صناعة الفضاء ودعم الأبحاث وبراءات الاختراع فى هذا المجال، وبالتّالي تشجيع الاستثمار فى مجال صناعة علوم وتكنولوجيا الفضاء وتحفيزه.
التّحديّات التي تواجه وكالات الفضاء العربيّة
عندما نطالع أخبارا عن دولة ما أطلقت صاروخا، أو عن نتائج دراسات أجرتها في الفضاء أو حين نعلم أنّنا نستعمل غرضا في حياتنا اليومية كان نتيجة بحث فضائي. فإنّنا نفكّر جديّا في كيفية مواكبتنا لهذه التّطوّرات السّريعة. وبالتّأكيد نتساءل أين نحن من كلّ هذا؟ لهذا أردنا أن نجيبك في هذه الأسطر التّالية عن أهم التّحديّات التي تواجه وكالات الفضاء العربيّة اليوم.
التمويل: فرصة التّمويل المناسب للتّطوير والنّمو في قطاع الفضاء لازالت محدودة فهي تحتاج إلى تنظيم ومعرفة أكثر. بعبارة أخرى يجب دفع الاستثمار في هذا المجال من أصحاب السّلطة والمال وذلك بتعليمهم عن قيمة الفضاء وتطوّراته الأخيرة والتّكنولوجيا المرتبطة به.
بناء الطّواقم البشرية: قبل كلّ شيء تحتاج ساحة الفضاء العربيّة إلى تطوير وتنمية قوة المهارات البشريّة والمعرفة اللاّزمة لهم للعمل في قطاع الفضاء.
التّعاون: بالتّأكيد أنّ التّعاون بين الدول والكيانات الخاصّة في الفضاء يحقّق التّنمية والتّطوير بشكل أفضل، ونلاحظ هذا كثيرا في مثال الدّول الأوروبية.
قلّة البنية التحتية اللازمة: توفير البنى التّحتية اللاّزمة هو أيضا جزء مهم في تطوير البرامج الفضائية وهو ما تعاني منه الدول العربيّة.
وفي الختام فإنّ مجال الفضاء يستلزم تطوير أدوات وأجهزة وبنى تحتية أيضا للوكالات الفضائية وهو الدّافع نحو الابتكار والاختراع في الإتصالات والأقمار الصّناعية على حدّ سواء لمنافسة الوكالات العالمية المشهورة مثل ناسا بالتّأكيد. لكن على الرّغم من كلّ تلك التّحديات التي تواجه الوكالات العربيّة إلا أنّها تطمح لأن تقوم بإنجازات أكثر. فهل ترى أنّها تسير بوتيرة سريعة لبلوغ العالمية؟